كانت أمي تستاك عصرا فيغضب مني أبي ليلا و ينهرني حين أبالغ في السهر, و كنت قد عرفت طريقة الخلاص من صياحه , فكنت أتظاهر بالنوم, فيدخل متسللا ليلكز أمي بطرف عصاه أو بقدمه . يتسلل أبي على أطراف أصابعه, كم كان يبدو لي جسمه ضخما مرعبا و هو يدخل علينا الغرفة و نحن ممددتان ! كانت أمي تطلق تنهيدة مكتومة , و كنت أسترق اليه النظر فأراه و هو يقترب من أمي في حذر, يقف بؤهة كأنه يتأكد من نومي ثم يركلها دون أن ينبس ببنت شفة , فتنهض متثاقلة و تغادر فراشها زهاء ربع ساعة لتعود في صمت . و حين يستريح رأسها على الوسادة تنخرط في بكاء صامت . منذ ذلك الوقت حين ارتبط وهج السواك بدموع أمي كرهته و كرهت تلك الحمرة الداكنة التي كانت توقد فيّ شعور عظيما بالدفء .