في رواية «سيرة عين» للأديب الفلسطيني إبراهيم نصرالله تحضر شخصية المصوِّرة الفلسطينية الرائدة كريمة عبود (1893–1940)، على أكثر من مستوى: ففي النصف الأول من القرن الماضي، استطاعت كريمة عبود أن تخترق واقعًا نمطيًا احتكر فيه الرجال فنَّ التصوير الفوتوغرافي، وبهذا استحقت أن تنال لقب رائدة التصوير في فلسطين والعالم العربي، واستطاعت أن تحقق المعنى العميق للصورة باعتبارها فنًّا، وهذا ما رسّخ ريادتها أكثر؛ هذه الريادة التي باتت موضع تقدير في العالم كله اليوم. واستطاعت كريمة أن تخترق الواقع الاجتماعي بتمرّدها على الصورة التقليدية للمرأة، وهي تحقق حضورها القوي كفتاة وامرأة قادرة على انتزاع حريتها وانتزاع الاعتراف بحقها، بحيث يمكن أن نعتبرها واحدة من النهضويات اللواتي حققن حرية المرأة قولًا وفعلًا.
وإذا كانت هذه الرواية عن ذلك كله، فهي أيضًا عن فن التصوير نفسه، وحكاية عائلة أصيبت في أعمق أعماقها بلعنة الاستعمار البريطاني ومن ثمَّ الصهيوني الذي ابتليت بهما في فلسطين.
رواية مختلفة عن شخصيات مختلفة، تبدو، برقّتها وعذوبتها وشجنها، أغنية من أجمل أغاني فلسطين.
يحتضن هذا العمل الملحمي الذي يأتي امتداداً لـ (الملهاة الفلسطينية): المشروع الروائي الأوسع "ثلاثية الأجراس" وتضم ثلاثة أعمال روائية: (ظلال المفاتيح)، (سيرة عين) و(دبابة تحت شجرة عيد الميلاد)، وبه يؤكد إبراهيم نصرالله قدرة فائقة على التجدّد والعطاء وارتياد مناطق جديدة، تاريخيّاً، وإنسانياً.