

انتصبت واقفا فالتقت عيناي بعينيك في خط أفقي واحد. بين شفتيك وشفتي مسافة طابور نمل قصير. شعرك الملوّن الفواح يتطاير بالريح فيغطي صدغي المتوتر. عيناك تحفـران الأعماق، وشفتاك تذيعان دبيب النمل في جسدي, وشعرك الذي يداعب وجهي يرفع الرمح المنتكس على منصة الإقلاع تجتمع الشهوة الغاضبة في حلقي حروفا شوكية دموية، وتقذفها حنجرتي في وجهك على مهل شبقي سادي: هل بلغت زوجك الغبي تحياتي الحارة ليلة الدخلة؟ ترتعش الشفتان من الألم المفاجئ، تفتران عن ابتسامة المفاجعة قف قران صفراء تكشف لي الدرّ الأبيض. أشتهي أن أعض الأسنان حتى أكسرها، أن ألتف حول فروك الأبيض كأني ثعبان عملاق وأعتصرك حتى الموت، أشتهي أن أنفجر تحت معطفك حمما بركانية أذيب القباب والمآذن والأبراج المشيدة والأسوار المحروسة والجنان المزروعة بالعشب الأسود...
قد حرص الهادي التيمومي في هذا الجزء على اتباع منهج كتابة تاريخ الزمن الراهن متحديا التعقيدات متجاوزا المطبات المنهجية والعلمية.