شط الأرواح
«شطّ الارواح» رحلة نسوية أخرى تقودها امنة الرميلي، هذه المرة اختارت أن تكون بطلتها صحفية واعطتها اسم «باهية» جعلتها سيدة الموقف وصاحبة القرارات أول الرواية ثمّ تركتها لمهب رياح الخوف والضياع ...
إن رواية الباقي (دار الجنوب، عيون المعاصرة، تونس 2013) للروائية والأكاديمية التونسية آمنة الرميلي الوسلاتي تقوم على سلسلة من التوترات التي تدفع بالنص إلى التمادي في المستحيل وكشف خفايا النفس لحظة انكسارها، ودفع القارئ إلى الانخراط فيه لأن ما تقوله الكلمات عن زمن يتهاوى يعنيه بقوة. الهزائم السياسية أقل ضررا من الهزائم الداخلية للأفراد والجماعات، في عالم عربي عاش كل الهزات العنيفة من حروب واستعمارات وأنظمة دكتاتورية، لكنه لم يستفد إلا قليلا. قد يبدو من أول وهلة أن الرواية تشتغل على الصوت الأحادي الذي يحدد مسارات النص وإيقاعه، لكن بسرعة يتبدى ذلك داخل النسيج السردي الذي تتقاسمه بوليفونية مترسخة، الأمر الذي يكشف في النهاية عن موزاييك سياسي يتقاسمه اليساريون الشيوعيون والإخوان المسلمون والبوليس السري الذي يراقب كل شيء في الجامعة وفي المؤسسات، ويحرك من يريد تحريكه بحسب مقتضيات الحال. يجب أن أشير هنا إلى أن الرواية كتبت بين 2003-2006 مما يعطيها صفة التنبؤ أو القــــراءة القبلية الصارمة للواقع التونسي حيث لا أبطال إلا واجهة كاذبة، وصراعات داخلية وهزائم صغيرة تحولت إلى خيبة كبرى وعلامات عن طوفان كان يتربي في السر. ليس الأبطال في هذه الرواية إلا شخصيات مضادة لكياناتها Des anti-h’ros لأنها تعرض في النهاية قهرا كبيرا وخوفا مضمرا تجاه آلة طاحنة. ولهذا لم تعد اللغة المعتادة كافية لتصوير هذه الحرائق الداخلية. وحدها سلمى تعرف السر لأنها معنية به. تفاجئ الكاتبة من قبرها وتغرقها بأوراقها، وتشتمها لأنها لا تعرف كيف تكتب عن الأحياء حيث يتشظى كل شيء، الإنسان والذاكرة والأفكار والتاريخ والتجارب الطلابية والسياسية، ما يجعل أحداث الرواية تتلون بتلون السارد/ الساردون، الذي (الذين) تتخفى وراءه (وراءهم) الكاتبة بترددها وإنسانيتها وقوتها وهشاشتها وقلقها.
آمنة الرميلي الوسلاتي روائية وباحثة تونسية، تشغل منصب أستاذة للأدب والنقد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة. وأعمال الرميلي تتنوع ما بين مجموعات قصصية وروايات أدبية، افتكت روايتها «توجان» جائزة الكومار الذهبي في الرواية العربية لعام 2016.
«شطّ الارواح» رحلة نسوية أخرى تقودها امنة الرميلي، هذه المرة اختارت أن تكون بطلتها صحفية واعطتها اسم «باهية» جعلتها سيدة الموقف وصاحبة القرارات أول الرواية ثمّ تركتها لمهب رياح الخوف والضياع ...