- جديد


إن النهاية الساخرة لبشر بن عوانة العبدي ليست جديدة أو مفاجئة في نظام المقامة الهمذانية, بل هي استراتيجية من لعبة الكرنفالية السردية و مركزية الصعلوك في الهامش , أمام المصير المنتظر لأبطال المقامة الهمذانية. و تخلق الحركة الدرامية الهزلية المستمرة خاصية الاختلاق الدائم للموروث , فكما هزم الجتحظ ببلاغة الصنعة, و هزم غيلان ببلاغة الصمت , و هزم إبليس في بحثه عن اللذة و غيرهم من الأبطال و الأدباء المهمشين هزموا كجزء من نظام الفكاهة السوداء, يهزم بشر الصعلوك هنا ببلاغة المنظوم في يومه الأسود على يد الأمرد الذي كان بياضه كشق القمر و فاق منافسته "فاطمة" جمالا و حسنا. هكذا و إن اختار بشر الصعلكة مطلبا لحريته الفردية فقد اثر البقاء مجردا و مخلوعا من سلاحه و فروسيته عقابا له على تمرده و عبثه , و يعود الهمذاني ساخرا متهكما من أبطاله و ضيوفه بالطريقة التي تجعله ساخرا من واقعه و حتى من زمن القص الذي يرتحل اليه و يخلد أبطاله فيه الى الأبد.