بين الكينونة والعدم مسافة تُقطع في اتجاهين وليس كل شخص قادر على قطعها في الاتجاه الصحيح، فما بالك وضبابية الرؤية واقعه اليومي. حياة رتيبة كئيبة تحياها الشابة منيرة، وإذ لا تجد لها من طعم أو لون أو رائحة تهرب منها إلى دعة المهدئات أولاً، وإلى ألق المخدرات لاحقاً، لتسكن فقاعة من الوهم سرعان ما ستنفجر مفجرة معها ينبوع دماء سالت من وريد البنت بغزارة. أحقاً حاولت منيرة الانتحار؟ هي نفسها لا تعلم، ولكي تجيب بالنفي أو بالتأكيد كان لابد لها من خوض رحلة باتجاه الذات نقلتها مكانياً من بلد إلى آخر، وطوّحت بها زمانياً فإذا هي الماضي المعتم والحاضر الشاق والمستقبل المجهول في آن، وكما في كل الرحلات طوت المرتحلة الرواية بطيها للمسافة وجوها ومشاهد وأحداثاً تجمعت في حقيبة الذاكرة وحين نُثرت كانت هذه الرواية.