

لا خلاف في أن الانسان يرى من الضروري بداهة تبني دين كمنهج حياة و دافع للتحرك في فلكها . فالدين هو الأكثر تأثيرا في السلوك الإنساني فكرا و حضارة و اجتماعا يتوازى فيه النسق الشعائري مع السلوك الإيماني و كبحا لجماح التمرد التخريبي . فعلاوة على ما يكنه الصدر من إيمان روحي بتعاليمه أشبه ما يكون بالتبني الكامل لمقتضياته, فيدفع داخليا لإثبات ذلك لنفسه بنفسه كتصارع لا نهائي و ترجمة واقعية تزيد أو تنقص حسب درجة حماسه و اقتناعه و كذلك مسايرة لطبيعته البشرية المتقلبة و المنفلتة أيضا داخل مستودع الوساوس و مستنقع الشرور و الرغبات المادية الثورية ,حيث يكون التخوف حينها جديا من احتمال انقلاب المقاصد الراقية المرجوة من وراء الممارسة الشعائرية الدينية لتتحول إلى ما يمثل خطرا على النفس و على غيرها . فالتنظيم هنا يبدو أكثر من ضروري للخروج من محدودية البداهة الفكرية التي تقترب أحيانا إلى البداوة السمجة و إقرار الحماية اللازمة للحيلولة دون الهمجية , مما يوفر الاستقرار المتماهي مع التحضر القاطع مع التعصب و المخاطب لود التحضر و النابذ للأحقاد و الضامن للتعايش بين الأضداد و الاندماج بين الأفراد . ففي الدولة الحديثة التي بنت تشريعاتها على مبادئ المدنية حسب المعلن عنه فإن مثل هذه القوانين تكون عادة على مسافة واحدة من الجميع. و تعامل الأضداد الكثر كالواحد. فالتقييدات التي يوفرها القانون الجزائي لممارسة الشعائر الدينية لا يقتصر على دين دون آخر, بناء على الحيادية و بغض النظر عن التاريخية أو العددية أو المصدرية . هذا ظاهريا,لكن على أرض الواقع , يبدو أن هناك أديان مدللة مقارنة بأخرى تشهد التضييق و الاتهام و الاشتباه رغم وفرة معتنقيها .......