سعى هذا الكتاب الى دراسة الصورة الأدبية عند محمود بيرم التونسي باعتبارها تجسيدا لفعل ثقافي,فالنص الأدبي يسهم في المزج بين الثقافات و التصورات و الخيال,فيغدو بفضل ذلك جسرا للتعرف على مختلف الأبعاد الحضارية للاخر عبر اللغة التي تبني الجسور و ترفض الجدران الضيقة و الحواجز الموجودة في الواقع.
كتب الكثير عن شخصية الفنان محمود بيرم التونسي، باعتبار المكانة التي احتلها في الأدب التونسي والعربي المعاصر عموما، ولتعدد مواهبه في مجالات كتابة الازجال والأغاني والمسرحيات والمقامات والسيناريوهات والمقالات الصحفية بمختلف أنماطها، غير أن ما كتب حوله وحول إنتاجه الأدبي اقتصر فيه على تغطية فترة إقامته بمصر التي تشتمل على مرحلتين من حياته، مرحلة الشباب المبكر، ومرحلة الشيخوخة المتقدمة. أمّا مرحلة كهولته التي تمتد نحو عشرين سنة (1919 - 1938) فما تزال مجهولة في معظم جوانبها لأن بيرم قضاها خارج مصر بعد أن صدر قرار سياسي بإبعاده عنها. وقد انقسمت هذه المرحلة المهمة إلى ثلاثة أقسام، منها ثلاث عشرة سنة قضّاها مطاردا بين مدن فرنسا المختلفة: مرسيليا وباريس وليون وغيرها، وخمس سنوات أقام في أثنائها بتونس، وسنتان قضاهما ببلاد الشام بين لبنان وسوريا.
ولمّا كان من المتعذر الالمام بأطوار حياة بيرم التونسي الزاخرة بضروب المعاناة والانتاج، لأننا لم نتمكن بعد من الاطلاع على ملفاته السياسية في خزائن الوثائق ببعض هذه الدول، فإننا نقتصر على تقديم خلاصة عامة لحياته، وعلى تناول جوانب من إقامته في تونس في السنوات الخمس التي قضاها بهذا البلد، وانعكاسات هذه الاقامة على الأدب التونسي وإسهامه في النضال الوطني التونسي وكتاباته الأدبية وجهاده الصحفي وتأثيره في الأوساط الاجتماعية والثقافية.
"Un rideau magique, tissé de légendes, était suspendu devant le monde. Cervantes envoya don Quichotte en voyage et déchira le rideau. Le monde s'ouvrit devant le chevalier errant dans toute la nudité comique de sa prose...... c'est en déchirant le rideau de la préinterprétation que Cervantes a mis en route cet art nouveau ; son geste destructeur se reflète et se prolonge dans chaque roman digne de ce nom ; c'est le signe d'identité de l'art du roman."