روائيان كبيران، جبرا إبراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف، تضافرت مواهبهما تضافرًا مذهلًا في عمل إبداعي متفّرد، لإثارة جو عابق بالحيرة والسخط، بالرغبة والنشوة، في خلق هذه المدينة، عمورية، التي بعد أن يزرها قارئ يومًا من قبل، والتي بعد أن يزورها ستسكنه تهاويلها إلى وقت طويل.
تتداخل الأسئلة والأجوبة في هذه الرواية، بحيث يصعب القول أحيانًا أيها هي الأسئلة، وأيها هي الأجوبة. وفي متابعة الجدلية القائمة في فصولها، يبقى الشك مثارًا، ومثيرًا، باستمرار.
لماذا تبقى عمورية عالمًا بلا خرائط؟ وعلاء الدين نجيب، هل له من طريق للخلاص من متاهاتها في اعترافاته الحارة، المضطربة، المتناقضة، عن مصرع نجوى العامري، المرأة المدهشة التي تجمع بين هوج السوالمة وشبقهم، وبين حسابات الربح والخسارة التي نشأت عليها في أسرتها ومجتمعها؟ وأين يقع ذلك كله من قصته مع ماضيه، مع أخويه صفاء وأدهم، ومع خاله حسام الرعد، وعمته نصرت، واسلافه القرويين والعشائريين وصولًا إلى المتمرد الأول فيهم، حمدي سويلم؟ أم أن ذلك كله جزء من قصته الأخرى، قصته مع المستحيل والجنون، الكامنين في نجوى العامري، وفي نفسه هو، وفي عصره، وفي عمورية كلها؟