مثلما صرت عازف عود من دون نية مسبقة ، صرت كاتبا . ثمة محطات في الحياة تصبح أجمل حين نصلها من غير تخطيط مسبق . في بادئ الأمر نتعجب مما يجري ، كمن وجد نفسه في مكان غريب عنه ، ثم حين يتذكر أنه كان يمارس المشي ، وجاءت به قدماه إليه ; فشعر أن هذا مكانه ، استوطنه . نعم ، لقد صارت لي الكتابة وطنا موازيا ، إن توقفت من بنائه سيموت ; فأموت ، الكتابة وطن لن يكتمل رغم كل البيوت التي بنيناها على أرض الورق . إن كتبت عن شجرة ، فإني أشير إلى بلدي ، وإن كتبت على السماء فإني أقصد روحي ، وإن كتبت عن البيت ، والطريق ، والناس ، والبحار ، والأنهار ، وحتى عن الذي لم يأت بعد ; فإني أكتب عني .