“هذا ليس كتابا في التاريخ، وليس محاولة في التوثيق، وليس نصا أدبيا ذاتيا، إنه خليط من التفكر في التجربة وفي المرحلة على ضوء تكوين صقلته العلوم الإنسانية. إن الإدعاء بأن ما أكتبه هنا هو تاريخ الفترة هو إدعاء غير نزيه، لذلك تلافيت – حتى من ناحية الشكل الذي صغت فيه النص- أي سوء فهم قد يحمل القارئ في هذا الاتجاه. يمكن للمؤرخ إذا أراد أن يستعين بهذا الكتاب، لكنه ليس كتابا في التاريخ. هو ليس أيضا كتابا هدفه تقديم شهادة ذاتية عن الأحداث. الملايين من التونسيين عاشوا هذه الأحداث وكانوا بطريقة أو بأخرى شهودا عليها، وبالتالي فإن القيمة ليست في الشهادة. إنها في التفكر فيما حصل بالمسافة النقدية المطلوبة عن مساراتنا الشخصية، عن رؤانا للأمور عندما ترتفع الغشاوات، وعن القدرة على التمييز بين ما يجب وما تحقق فعلا…”.
بهذه الكلمات اختار عدنان منصر تقديم كتابه الصادر حديثا عن منشورات ”سوتيميديا”، والذي اختار له عنوان ”سنوات الرمل”، وهو ”تفكر في معارك الانتقال الديمقراطي في تونس 2011-2014”. وينقسم الكتاب المتكون من 211 صفحة، إلى خمسة فصول، “نشأت في ضمير الكاتب أولا كرغبة في الفهم”، ثم في ”اقتراح ممنهج للفهم، وهو أمر لا يمكن أن يحصل إلا عبر المسافة”.
واعتبر منصر إن نقد التحولات المنفصل والمتباعد عن نقد التجربة الذاتية لا يمكن أن ينتج نصا قادرا على البقاء. ”هذا هو المقياس الذي اعتبرته أساسيا والذي يلخص جهد التفكّر الذي بذلته في هذا الكتاب” وفق تقديمه.