لقي هذا الكتاب إقبالا شديدا وأصاب نجاحا عظيما. وقد نشر في ظروف مواتية كما قال أحد معاصريه, فإن روحا من التسامح والتساهل كانت تسيطر يومئذ على الرقابة, فظهرت كتب ما كان يتخيل أحد أن تظهر قبل بضع سنين. لقد أحدثت "ذكريات منزل الأموات" أثرا كبيرا في النفوس, فرأى القراء والنقاد في كاتبها "دانتي" جديدا هبط إلى "جحيم" رهيب, لا سيما وأن هذا الجحيم موجود في الواقع لا في خيال الشاعر وحده. إن هذه الأوصاف الواقعية المرة الكاوية التي تصور عالما لم يكن يعرفه القراء قبل ذلك, عالم هذا الخليط من السجناء, عالم الأشغال الشاقة التي يقدمون بعبئها, والمهن التي يتعاطونها, والتسليات التي يسرون بها عن أنفسهم... هذه الأوصاف التي يقدمها كاتب موهوب عاش هو نفسه هذا الجحيم, قد أثرت في نفوس القراء تأثيرا كبيرا, وهزتها هزا قويا. حتى الإسكندر الثاني كانت تهطل دموعه على صفحات هذا الكتاب.
تضمن هذا المؤلف توطئة أبرزت أهمية البحث في تاريخ تونس الاجتماعي بين 1881 سنة الاحتلال الفرنسي و 1956 سنة الاستقلال ومقدمة عامة وقفت عند الاختلاف بين المؤرخين في تحديد إشكاليات التاريخ الاجتماعي ...