تدور أحداث الرواية حول رجل قرويّ يعيش في موريتانيا، ويعمل مدققًا لغويًا في قناة اسمها "العروبة" وفي أحد الأيام طُلب منه أن يقدم نصًا لفيلم وثائقي حول شخصية تاريخية يختارها بنفسه، ففكر هذا الرجل انطلاقا من حبه الشديد للّغة العربية وغيرته عليها وصدّه لحملات تشويهها، فوقع اختياره على إمام الفصاحة وسيد النثر: الجاحظ.
ومن هنا تسير الرواية بخطّين متوازيين، يسرد علينا هذا المدقّق الموريتاني ملامح ملهمة من سيرة الجاحظ ومن أعماله وأشعاره ويعرض لنا فصاحته وبلاغته وامتلاكه للّغة العربية ودقائقها، يصف لنا البصرة في عصر الجاحظ كأننا نراها لا نقرأ عنها، أجاد في وصف الحواري والبيوت والمجتمع والسكان وسيادة اللغة وامتزاج اللهجات وغير ذلك من ملامح هذا العصر المثير. وفي نفس الوقع يتحفنا بهذا التشابك الذي صنعه بمهارة بين زمن الجاحظ وزمننا المعاصر.. إنها رحلة ملهمة إلى البصرة، مهد اللغة وموطن النحو والأدب.
"يتدافع الناس خارجين من سوق البصرة عائدين إلى بيوتهم أو متوجهين للمسجد الجامع لصلاة المغرب، يكاد الشارع يضيق بالكتل البشرية الآخذة في كل اتجاه، فهؤلاء قصابون يحملون سيوفهم وآلاتهم، وتفوح رائحة الشحم واللحم من ملابسهم، وهم متهكمون في أحاديثهم بعد يوم طويل من العمل، مروا من جهة سهل...، فضم طرف جبته حتى لا تلامس ملابسهم، ثم دخل هو والجاحظ إلى المسجد للصلاة".