- جديد


ردمك: 9789938260878
هذه مباحث سعينا فيها إلى الحفر في إشكالية الهويّة والانتماء بتونس في العصر العثماني من خلال مصادر التاريخ الدّفين بين مصادر تاريخية، لما للسرديّات الإخبارية من أهميّة في تدقيق المعطيات التاريخية وموضعتها ضمن سياقاتها، ومصادر نقائشية وأخرى مخطوطة، لأهمية النقائش والمخطوطات في كتابة تاريخ عالم المدينة بالخصوص في حركيته الداخلية كما في تفاعله مع محيطه الواسع، على أننا بذلنا قصارى جهدنا في ان يكون مُعوّلنا بالأساس لا على المصادر المنبثقة من مؤسّسات الدّولة وإنّما على "الآثار الجوفيّة" وبالتالي على النصوص والوثائق الموازية، تلك التي أنتجتها الأطراف والمجتمع العميق وأفرزها الهامش الاجتماعي. وقد انصبّ ما اعتبرناه حفريّاتٍ في ذاكرة البلاد على الشخصيّات، انصبابه على المؤسّسات، ومن ثمة كان مسعانا إلى الحفر عن السِّيَرِ الغائبة أوالبتراء بغاية إعادة بنائها وإعادة القيمة الاعتبارية لأصحابها، ليس في المصادر الكلاسيكية لعدم اندراج مثل هذه البيوغرافيات في إستراتيجية الكتابة لديها وإنّما في "الرافد المغيّب في الغالب" أي في مصادر الثقافة غير الرّسمية، ممّا من شأنه أن يملأ هذا الفراغ السّيري ويجيب عن العديد من نقاط الاستفهام التي تثار بشأنه، ويسمح بالبتّ في الكثير من الإشكاليّات المتصلة بسير حياة هذه الشخصيات، وانصرف اهتمامنا في دراسة المؤسّسات، لا إلى مؤسّسات "المركز" وإنّما إلى مؤسّسات "الأطراف" باعتبار أنّ التاريخ المحلّي يظل لبنة ركيزية من لبنات التاريخ الكامل وجزءا لا يتجزّا منه، فضلا عن كونه كخيار منهجي في الكتابة التاريخية من المقاربات الأساسية لفهم التاريخ العام وإعطاء صورة أوضح وأشمل عن الواقع يمكن أن تميط اللثام عن جوانب غير معروفة بل غير متوقعة من الديناميكية الاجتماعية وأن تسهم في اكتشاف عناصر تاريخية جديدة كانت غير بارزة للعيان.