بدأت الحكاية حين حاول لأوّل مرّة المشي. لميكن أبواه قد تفطّنا إلى عرجه. عرج خفيف تماما، لم يكن يبدو للعيان حين كان يحبو ويجرّقدمه اليسرى الممتزجة أصابعها بالتراب. سقط سقطته الأولى وهو يتحاور بشيء من الحدّةالمقرّعة مع طيفه الطفولي بخصوص قطّة رماديّة صغيرة مرّت مسرعة أمامه قبل أن تقفز علىالحائط الصغير الأحمر الذي كان يفصل السانية عن المقبرة. ولم يتمكّن لا هو ولا طيفهمن الإمساك بذيلها. في محاولة المشي الثانية، ثنى عامدا أصابع تلك القدم اليسرى، مزجهابتراب الحوش، وتحرّك مترنّحا باتّجاه أمّه التي كانت في الأثناء تلقم أخاه الرضيع ثديهاالأسمر الكبير. ونجحت المحاولة. تهلّلت أسارير الأمّ واستقبلته بين أحضانها فلامس الثديالأسمر الكبير، بعد أكثر من سنة من الحرمان منه، وأحسّ على وجنته سخونة الحليب المتدفّقفي جوف الرضيع السمين الأبيض الكريه. كان ذاك تحيّله الأكبر والأكثر نجاحا لم تتفطّنالأمّ، ولا الأب في ما بعد، إلى كونه أعرج. ربّما لم يكونا مهتمَّين للأمر أصلا. وذاكما جعله يمضي فيه حتّى حدوده القصوى.