لا يُشكّلُ هذا العمل تقويما نهائيا لتجربة المجلس الوطني واللجان/المجالس الجهوية والمحلية لحماية الثورة. فهذه التجربة لا زالت مفتوحة تاريخيا و سائرة بصورة متوازية مع تطورات المرحلة و مُرافقة لصراعاتها و إمكانات آفاقها التي لم تُحسمْ بعدُ وبصورة نهائية بين قوى الثورة و قوى الثورة المضادة. غير أنّ القيام بمقاربة تقويمية أولية لمسار المجلس الوطني لحماية الثورة منذ تكوّنه وتجميع أدبياته و وثائقه و وضعها بين أيدي المناضلين وعموم الشعب، له في هذه المرحلة الدقيقة دوافع و أبعاد ودلالات عديدة لعلّ أهمّها تمكين المخلصين لدماء الشهداء والرافعين لواء انتصار الثورة و دحر أعدائها ، من التعرّف والإحاطة بالمواقف المختلفة و بخلفيّات التباينات ثم الاختلافات بين أطرافها، وبالنصوص المرجعية التي أسّست لهذه التجربة ، وكذلك من تبديد الشبهات و الحملات التشكيكية التي رافقتها منذ بدايتها و التي تواصلت سواء بالاستهداف السياسي/التنظيمي( بخلق هياكل موازية له : "هيئة بن عاشور" بإيعاز من السلطة ، و"رابطات مجالس حماية الثورة" بإيعاز من حركة النهضة) أو الاستهداف الإعلامي( بالتعتيم المحاصرة و التشويه) أو الاستهداف البوليسي-الميليشياوي ( بمنع التحركات و قمعها و هرسلة المناضلين و الاعتداء عليهم) أو الاستهداف القضائي ( بتنظيم المحاكمات السياسية لمناضلي المجلس ، و للمناضلين الاجتماعيين الميدانيين في الجهات).