تتذكّر نورا الشرفة البحريّة، وتسترجع أمسياتها الصيفيّة الزرقاء مبحرة مع السفن والزوارق إلى أصقاع بعيدة، وتتصفّح بعيني خيالها وجوه الربابنة الذين صادقتهم، وعدد الموانئ التي زارتها، والبحارة الذين وقعوا في حبّها. وهي تعجب الآن من الشبه الكبير بينهم، حتى أنّها تستطيع في لحظة الصفاء هذه وهي ما تزال في غرفتها أن تحدّد لأيّ بحّار كانت قد رأته وهي في شرفتها تعود إليه كلّ هذه المشتقات الخياليّة الرائعة. تتذكّر نورا ذلك فتبتسم في سرّها مغتبطة لخروجها من غواياتها الزرقاء الفاتنة، وعيناها لا تبرحان المدينة الممتدّة أمامها من خلال النافذة التي أسدلت عليها ستارة شفيفة خضراء.