إن التحوّل من الإتيفا اليونانية - الرومانية إلى الإتيقا المسيحية - التي هي موضوع الجزء الرابع - لا يجب أن نبحث عن جهة القانون والمنع والتحريم، بل نلتفت جهة ممارسات الذات وتقنيات تشكلها وكيفيات بناء مؤسسات تقشفها وزهادتها ورهبنتها انطلاقًا من البنى الكنسية في نوعية فهمها للجنس والرغبة والمتعة زواجيًا أو خارج الزواج، وبناء خطاب صارم في التوبة والتعميد والطهارة والعذرية، كل ذلك من خلال التمفصل الذي عماده الاعتراف واللحم.
ففوكو جعل الاعتراف سبيلًا لا غنى عنه لانتاج القول الحق وقول الحقيقة، إلى درجة يمكن القول معها إنّا أصبحنا "مجتمعًا اعترافيًا إلى حد الشذوذ". إن الذات المعترفة يمارس عليها الاعتراف إغراء لا راد له في سبيل الحقيقة إلى درجة التضحية بالذات، فالاعتراف يحرر من حيث هو قول الحقيقة.