يحسب للكاتبة ميثاق الركابي جرأتها في طرح موضوع ظلم المرأة في المجتمع الجنوبي الذي تسيطر عليه في العقود الأخيرة سلطة رجل الدين ورجل القبيلة، وربما تكون هذه الجرأة هي العنصر الأهم في الرواية إذا ما تناولناها ضمن سياقاتها الزمانية والمكانية، حيث تتغول السلطة الذكورية تارة تحت عباءة الدين وتارة أخرى تحت عباءة القبيلة، في ظل تراجع حاد لسلطة الدولة والقانون. وتستمر الكاتبة في الولوج إلى عالم الفظاعة الذي يحيط بامرأة الجنوب، ابتداءً من دائرة الأقربين أحياناً، في إشارة إلى رمزيتها كنواة لمجتمع ذكوري يتمادى في فرض سلطة قمعية تمتهن كرامة المرأة وتسلب حقوقها، ولا تخفي الكاتبة انحيازها للمرأة على مر أحداث الرواية، لكنها لا تتردد أحياناً بالإشارة إلى سلبية المرأة التي جعلتها، ليس فقط تخسر الكثير من حقوقها، بل تؤصل لهذه الخسارة لدى الأجيال القادمة بإشاعة ثقافة الاستكانة والخنوع، مما يزيدها فداحة. كما تقدم الكاتبة دفاعها عن مدَنية (الناصرية) من خلال إشارات كثيرة عن تأريخها وتفاصيل تأسيسها وبنائها وعن الحياة المدنية التي كانت تسيطر عليها قبل أن تسقط أسيرة في أغلال الريف بعد معركة ضارية بين البداوة الحضارة كما يسميها علي الوردي، ولم يفتها أن تختم المشهد الأخير للرواية، وبقصدية واضحة، على صورة عودتها إلى الناصرية، وإلى ريفها تحديداً، بصحبة حبيبها المغترب في إشارة واضحة إلى التعلق بهذه المدينة وإلى الإصرار على الإنطلاق بحياتها الجديدة من الناصرية، وربما المشاركة في إعادة الروح المدَنية إليها، والتي ستكون كفيلة في إيقاف اضطهاد المرأة وشطب حزنها الجنوبي من قاموس (حياتها) . الرّؤية