في هذا الكتاب معالجة لمدونة في علم التاريخ بأدوات علم الاجتماع، واستنطاق لمكانة البناء السوسيولوجي وأهميته في فهم الوقائع والأحداث التاريخية وتفسيرها. فهو نتيجة قراءة أخذت بأهم المدونات العلمية وأكثرها تكاملاً واكتمالا حول تاريخ تونس والتونسيين في مناحيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خارج قيود علم التاريخ المنهجية والمعرفية. كتاب يحفز على مواصلة الاشتغال على إشكالية التطابق بين الحقيقة التاريخية والتاريخ الحقيقي في كتابة تاريخنا، بما فيه تاريخ الزمن الراهن، إذ كثيراً ما تكون الحقيقة التاريخية غير مطابقة للتاريخ الحقيقي، لأن أكثر الحقائق تداولاً ورسوخاً قد تكون وليدة أكثر الأخطاء – أو حتى الخطايا - شيوعاً وانتشاراً. يواصل المولدي قسومي، في حصيلة هذا «الكتاب المقدمّة»، العمل على استحضار مناهج كتابة التاريخ لدى الهادي التيمومي، وقد حرص على الكشف الدقيق عن مدونته مستجليا «النظام المعرفي» لعلم الاجتماع فيها من خلال دراسته لما في أعمال المؤرخ التيمومي من نظام متكامل عندما تناول في كتاباته وأعماله تحليل «التشكيلات الاجتماعية» بتونس، وثمّن التنظيمات التي أسّسها ورعاها المجتمع منذ مدة في سعيه إلى محاولات التحديث التي أضافت لمسار تشكيل «الذاتيّة التونسيّة» طابعا خاصا، والتي جعلت كتابات التيمومي تندرج ضمن النظام المعرفي لعلم الاجتماع .