فيما تنثال حبّات الرمل في ساعة نوح حبّةً حبّةً تنثال معها القصص والحكايات، فتشكّل عالمًا روائيًّا يؤثّثه صوتان: «بلقاسم غيفارا» الحالم بثورة تغيّر وجه تونس والعالم، مدفوعًا بانتمائه وطموحه وما يحمله من شعارات، و«أولغا» الأوكرانيّة الفارّة إلى تونس من جحيم الحرب.
صوتان مشدودان إلى ذاكرةٍ جريحة سنظلّ نلهث وراءهما، فتأخذنا الحكايات بين الأمكنة من تونس إلى جالطة فإيطاليا، ويحملنا الألم من روسيا إلى أوكرانيا على امتداد قرنٍ من الزمان.. كيف تُصنع الأساطير؟ وإلى أيّ مدى يمكن الاطمئنان إلى ما نسمّيه عادة «حقائق تاريخيّة»؟ وهل تكفي الأحلام والشعارات لتغيير ما نراه واقعًا رديئًا؟
تفضح هذه الرّواية زيف المعتقدات المتحجّرة، وتُفكّك ألغام البطولات الكاذبة، فتضعنا مباشرةً أمام الإنسان المصاب بداء الإديولوجيّات المجنونة إذ يقتل كلّ من يخلخل الحقائق الثابتة في رأسه. إنّها تعود بنا إلى مائة سنة من تاريخ العالم، لننفخ على الجمرة المشتعلة تحت رماد الحروب، وما الحرب إلّا فكرةٌ مُحنّطةٌ في الرأس تُريحُ الإنسان، ولكنّها تنهشه حالما تطأ الأرض. شوقي العنيزي