يتميّز كتاب الفتح المُنير بأهمّيّة خاصّة في تاريخ الفكر الصّوفي بتونس في القرنيْن السّادس والسّابع عشر، فقد حدّد فيه المؤلّف محّمد المسعود الشّابي ( ت 1028هـ/ 1618م ) وهو الشّيخ التّاسع للطريقة الشّابيّة رؤيته الصّوفية منظرًا وشارحًا للقواعد والأصول والرّؤى المتعلقة بالوجود وبالواقع التي أقام عليها سيدي عرفة ( ت 949هـ/ 1542م ) ومن قبله والده أحمّد بن مخلوف الشّابي ( ت 898هـ/ 1492م ) هذه الطريقة. والكتاب فريد في بابه لأنّنا لا نجد لأيّ من الطّرق السّائدة وقتها كتابّا يوضّح أصُولها ويعرض آراءها ويُحدّدُ رُؤيتها للوجود والواقع.
وبالرّغم من أنّ ما ورد فيه من شرح ضاف وتفصيل واف لحقيقة التصّوف وأصول الطريقة لكفيل بتجلية ما انبّنت عليه هذه الطريقة. فالفتح المُنير كتّاب في التصّوف أي في المعرّفة الذّوقية والأخلاق، لكنه يشتمل على زاد تاريخي واجتمّاعي وأدبي يكشّف عن جوانب من حيّاة إفريقيّة التونسيّة في ذيْنك القرنيْن حيث لا غنًى لدارس التّاريخ وعلم الاجتمّاع والانثروبولوجيا من اعتمّاده.