ما يقع لنوابتنا اليوم لهو أشد وطأة مما حدث لابن رشد وابن باجة وغيرهما كثر ، ذلك أننا أنشأنا لهم قراء نسائين ومتعصبين وساخرين ، بعد أن تحولنا إلى آلات ضغينة عملاقة آلات تحرس الذاكرة من دون أي قدرة على الصمت ، آلات تراقب عن كثب وبمبضع فظيع كل أجهزة المسكوت عنه وتعمل على صيانتها بهوس إبليسي ، كما يقول فتحي المسكيني . و لأننا شعوب تحترف الرثاء وتؤثث موائدها بلحوم الميتين ، فقد آثرنا على أنفسنا أن نكتب حول فتحي المسكيني بوصفه فيلسوفا نابتة مايزال حاضرا بيننا . ففتح أفق النقاش معه الآن وهنا يعد في رأينا أهم من أن يحصد هذا الفيلسوف أوسمة شتى بعد عبوره إلى العالم الآخر .