يعد تحول البدو إلى فلاحين أكبر حدث تاريخي في العصر الحديث في الأرياف المغاربية. و يقودنا تحليل أسس هذا الحدث و شروطه و انعكاساته الى التساؤل حول دعائم المسار الذي يحكم تحولات المجتمعات المغاربية , و ربما مجتمعات العالم العربي بأسره , و سيرها نحو إعادة تنظيم العلاقات الاجتماعية بين المجموعات و الأفراد , و لا سيما في المجال السياسي . في الحالة التي قمنا بتحليلها, و التي كانت أوجه التشابه بينها و بين حالات مغاربية أخرى, لافتة للنظر , حدث هذا المسار ضد ما يسمى البنى " التقليدية" للمجتمع, و في ذات الوقت وفقا لمتطلبات بعض الأسس التي قامت عليها هذه البنى . و في قلب هذه التحولات كانت هناك الدولة الكولونيالية و أعوانها, و حركات التحرير و استراتيجيتها النضالية في الأرياف , و الدولة الوطنية و تدخلاتها المختلفة في القطاع الفلاحي . و السؤال المطروح هو : هل يعود أصل النقاشات الآن حول الحداثة , و التأصيل الثقافي , و الحركات السياسية المصنفة أحيانا تقدمية و أحيانا رجعية ,إلى هذه الآلية المعقدة و المزدوجة من التحولات الاجتماعية و السياسية و الثقافية الجارية في البلاد المغاربية, و التي مازالت تعبيراتها و انعكاساتها تشكو من ضعف التحليل ؟